Sunday 14 February 2016

حديث البراء رضي الله عنه في الأربع قبل العشاء

وقع في بعض كتب الأحناف(1) حديث البراء بن عازب رضي الله عنه معزوًا إلى «سنن سعيد بن منصور»: «من صلى قبل العشاء أربعًا كأنما تهجد من ليلته ومن صلاها بعد العشاء كان كمثلهن من ليلة القدر».
وغلّطه العلامة البنوري (4/115)؛ فإن رواية سنن سعيد بن منصور هذه فيها: «من صلى قبل الظهر أربعًا كأنما تهجد من ليلته ...»، كما في «منتقى الأخبار مع نيل الأوطار» (898)، و«نصب الراية» (2/139)، و«فتح القدير» (1/315)، و«مجمع الزوائد» (2/221)، ونسبوه إلى «سنن سعيد بن منصور»، ولم أجده فيما طبع من «سننه» إلا أن الطبراني رواه من طريقه في «الأوسط» (6332)، كما أشار إليه الهيثمي والشوكاني، فقال: حدثنا محمد بن علي الصائغ، ثنا سعيد بن منصور، ثنا ناهض بن سالم الباهلي، ثنا عمار أبو هاشم، عن الربيع بن لوط، عن عمه البراء بن عازب، عن النبي ﷺ قال: «من صلى قبل الظهر أربع ركعات كأنما تهجد بهن من ليلته، ومن صلاهن بعد العشاء كن كمثلهن من ليلة القدر، وإذا لقي المسلم المسلم فأخذ بيده، وهما صادقان، لم يتفرقا حتى يغفر لهما»، قال أبو القاسم: لم يرو هذا الحديث عن الربيع بن لوط إلا عمار أبو هاشم، تفرد به ناهض بن سالم.
وناهض بن سالم الباهلي، قال العراقي فيه: لم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولم أجد له ذكرًا، وكذا قال الهيثمي(2) والألباني(3).
وله متابع في «أخبار الصلاة» لعبد الغني المقدسي (72) من طريق سهل بن تمّام، حدثنا أبو هاشم صاحب الزعفراني عمار بن عمارة، حدثنا منصور بن عبد الرحمن، عن الربيع بن لوط، عن البراء بن عازب، قال قال رسول الله ﷺ: «من صلى أربعًا قبل الهاجرة فكأنما صلاهن في ليلة القدر، والمسلمان إذا تصافحا لم يبق بينهما ذنب إلا سقط».
فزيد بين عمار والربيع: منصور بن عبد الرحمن، وذكر المزي (21/200) في شيوخ عمار: الربيع بن لوط، ثم قال: والصحيح عن منصور بن عبد الله عنه، وهذا الطريق يحتاج إلى مزيد من البحث.
وأما إثبات الأربع بعد العشاء، فلسنا بصدد ذلك، قال الزيلعي: ورواه البيهقي من قول عائشة، قالت: من صلى أربعا بعد العشاء كان كمثلهن من ليلة القدر، وأخرج النسائي، والدارقطني من قول كعب.

وبالله التوفيق.
______________________________________________
(1) مثل «غنية المتملي في شرح منية المصلي» المشهور بـ «حلبي كبير» كما قال العلامة البنوري، ووهّمه في ذلك مرتب «درس ترمذي» (2/197)، والشيخ إرشاد الحق الأثري في«مقالاته» (2/286) بأنه وقع على الصحيح في «الغنية».
قال الجامع: لعلهما اطلعا على نسخة سهيل أكيدمي، بلاهور (صـ 385)، وهذه النسخة مصورة عن طبعة مطبعة سنده، طبع اولنمشدر، 1295هـ، أو الطبعة الثانية لها، 1325هـ، ووقع على الخطأ، كما قال العلامة البنوري، في نسخة مطبع محمدي، لاهور، 1303هـ (صـ 369)، فلعل الشيخ كان يشير إلى هذه النسخة، ولا شك في أنه خطأ من الناسخ؛ إذ الشيخ إبراهيم الحلبي، صاحب «الغنية» قال عند شرح قول صاحب المتن (صـ 388) "في «المحيط» إن تطوع قبل العصر بأربع وقبل العشاء بأربع فحسن لأن النبي ﷺ لم يواظب عليهما": أما عدم مواظبته على ما قبل العشاء فمقرر بل لم يرو أنه صلاها فضلًا عن المواظبة، اهـ.
وكذا وقع على الخطأ في بعض طبعات «الدراية في تخريج أحاديث الهداية» للحافظ ابن حجر، مثل نسخة المطبع الفاروقي بدلهي، 1299هـ، المطبوع باسم: «نصب الراية» (ص 119)، والتي طبعت بذيل «الهداية» من مكتبه رحمانيه، لاهور (صـ 152)، وطبعة دار المعرفة (1/198). وطالعت نسختين خطيتين منها موجودة في مكتبة فيض الله بتركيا، برقم (289) كتبت سنة 833هـ، و(290) كتبت سنة 957هـ، وقد جاء على الصحيح فيهما، وكذا جاء على الصحيح في طبعة دار اللباب (صـ 356)، وهي بتحقيق الشيخ توفيق محمود تكلة، وقد اعتمد فيها على نسخة بخط المؤلف، ونسخة بخط تلميذه البقاعي.
(2) بل قال: فيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره، ولم أجد من ذكرهم، اهـ. فبقية رجاله غير ناهض هم:
1. محمد بن علي الصائغ: راوية «سنن سعيد بن منصور» إمام ثقة، ترجمته في «السير» (13/428).
2. سعيد بن منصور: صاحب السنن، ترجمته في «السير» (10/586).
3. عمار أبو هاشم: من رجال «التهذيب» (21/200).
4. الربيع بن لوط: من رجال «التهذيب» (9/98).
(3) «السلسلة الضعيفة» (11/92).