Wednesday 23 September 2015

تكذيب وكيع لزياد بن عبد الله



وقع في أكثر النسخ من «جامع الترمذي» (1097 طبعة البابي الحلبي، طبعة د. بشار، طبعة المعارف، النسخة الهندية المعروفة بنسخة العرف الشذي، وغيرها):

حدثنا محمد بن موسى البصري قال: حدثنا زياد بن عبد الله قال: حدثنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «طعام أول يوم حق، وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة، ومن سمع سمع الله به»، حديث ابن مسعود لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث زياد بن عبد الله، وزياد بن عبد الله كثير الغرائب والمناكير. وسمعت محمد بن إسماعيل يذكر، عن محمد بن عقبة قال: قال وكيع: «زياد بن عبد الله مع شرفه يكذب في الحديث».

وكذا وقع في نسخ متقنة، قال الحافظ مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (115/5) كذا ألفيته في نسخة جيدة.

فأشكل هذه العبارة على العلماء، حتى استدل بها المستشرق جولد تسيهر، قال في "Muslim Studies"  (الترجمة الإنجليزية) (55/1):

So far there have been repeated references to the tendentious fabrications of traditions during the first century of Islam and in the course of our further account we shall continue to meet this method of producing religious sources. It is a matter for the psychologists to find and analyse the motives of the soul which made such forgeries acceptable to pious minds as morally justified means of furthering a cause which was in their conviction a good one. The most favourable explanation which one can give of these phenomena is presumably to assume that the support of a new doctrine (which corresponded to the end in view) with the authority of Muhammad was the form in which it was thought good to express the high religious justification of that doctrine. The end sanctified the means. The pious Muslims made no secret of this. A reading of some of the sayings of the older critics of the tradition or of the spreaders of traditions themselves will easily show what was the prevailing opinion regarding the authenticity of sayings and teachings handed on from Pious men ... Waki´ says of Ziyād b. ´Abd Allāh that he lies in hadiths despite his nobility (ma´a sharafihi). This being so, smaller excesses in the isnād, obfuscations, had to be treated more leniently.

وسلك العلماء في تأويل أو رد هذه العبارة مسالك، قال الشيخ مصطفي السباعي في «السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي» (ص 259): أما ما نقله "جولد تسيهر" من قول وكيع عن زياد بن عبد الله البكّائي من أنه كان مع شرفه في الحديث كذوباً فهذه إحدى تحريفات هذا المستشرق الخبيث فأصل العبارة كما وردت في «التاريخ الكبير» للإمام البخاري (329/1/2): وقال ابن عقبة السدوسي عن وكيع: هو (أي زياد بن عبد الله) أشرف من أن يكذب، اهـ.

فأنت ترى أن وكيعاً ينفي عن زياد بن عبد الله الكذب مطلقاً لا في الحديث فحسب، وأنه أشرف من أن يكذب، فحرّفها المستشرق اليهودي إلى أنه كان –مع شرفه في الحديث– كذوباً وهكذا تكون أمانة هذا المستشرق، اهـ.

فلم يتعرض لما وقع في «الجامع»، بل كذّب المستشرق واتّهمه بالتحريف، وذهب بعضهم إلى أنه وهم من الإمام الترمذي في النقل، قال العلامة السهيلي في «الروض الأنف» في كلامه على رواة كتاب ابن إسحاق (40/1): خرّج عنه البخاري في كتاب الجهاد، وخرج عنه مسلم في مواضع من كتابه وحسبك بهذا تزكية وقد روى زياد عن حميد الطويل، وذكر البخاري في «التاريخ» عن وكيع قال: زياد أشرف من أن يكذب في الحديث، ووهم الترمذي.

وقال بعد نقل كلام الترمذي: وهذا وهم ولم يقل وكيع فيه إلا ما ذكره البخاري في «تاريخه» ولو رماه وكيع بالكذب ما خرّج البخاري عنه حديثا ولا مسلم كما لم يخرجا عن الحارث الأعور لما رماه الشعبي بالكذب، ولا عن أبان بن أبي عياش لما رماه شعبة بالكذب، اهـ.



وكذا وهّمه الحافظ الذهبي في «تاريخ الإسلام» (853/4 د. بشار).

وبعضهم حاولوا التأويل في العبارة وفسروها بما هو خلاف الظاهر، قال العلامة الكنكوهي في «الكوكب الدري»: (يكذب) من المجرد وهذا لغلبة نسيانه لا لتعمده الكذب وإلا لم يبق له شرف.



وقال أبو الطيب السندي في حاشيته: الظاهر أنه من الكذب، وضبطه بعضهم من التكذيب ويؤيده ما في «التقريب»، ثم نقل كلام ابن حجر الآتي وكلام السهيلي.

وأما الحافظ ابن حجر فردّ ما وقع في عامة نسخ «الترمذي»، قال في «تهذيب التهذيب» (3/375، و1/650 ط. الرسالة): ووقع في «جامع الترمذي» في النكاح عن البخاري عن محمد بن عقبة عن وكيع قال: زياد مع شرفه يكذب في الحديث، والذي في «تاريخ البخاري» عن ابن عقبة عن وكيع: زياد أشرف من أن يكذب في الحديث، وكذا ساقه الحاكم أبو أحمد في «الكنى» بإسناده إلى وكيع وهو الصواب ولعله سقط من رواية الترمذي «لا» وكان فيه: «مع شرفه لا يكذب في الحديث» فتتفق مع الروايات، والله أعلم، اهـ.



ثم في «التقريب»: ولم يثبت أن وكيعا كذبه، اهـ.



وفي «هُدى الساري» (1/404): قال وكيع هو مع شرفه لا يكذب، اهـ.

ويمكن أن يزاد أن العقيلي (5/80 ط. السرساوي) وابن عدي (5/69 ط. السرساوي مع التصويبات من الشاملة) روياه من طريق البخاري، وهو منقول في كتب التراجم على الصواب.

ثم اطلعت على هذه التغريدة لحساب المخطوطات الإسلامية، كتبها الشيخ خالد بن جمال الجزمي وعلى مشاركته في الملتقى:

وكذلك وقع على الصواب في طبعة المكنز الإسلامي (1120)، فلا حاجة لتخطئة الإمام الترمذي، ولله الحمد.

وإليك تعريف نسخة ليدن:

2 comments: